تأثير التّقانيّات الحديثة وأثرها على اللّغة العربيّة

التّسجيل كان في إذاعة تونس الثّقافيّة يوم الإثنين 25 جانفي/يناير 2016 من س16 إلى س17.

البثّ يوم الأربعاء 27 جانفي/يناير 2016 من س17 إلى س18رابط البثّ الحيّ. التّسجيل (قريبا).

345071676419-590x331

أولا نسلّم أنّ التقنيات الحديثة التي نتحدث عنها هي التي تعتمد على تقنيات الاتصال اي فيها جانب معلوماتي وجانب الاتصال وجانب الخدمة المعيّنة التّي ستُوفَّر للمستخدم. اذا أردنا أن ندمج ميادين تقنية جديدة أخرى فالأثر على اللغة العربية ينحصر بالخصوص حول واجهة التعامل مع المستخدم ونحن في كلتا الحالتينسنتدرق لهذا في موضوعنا اليوم.

لنبدأ بالإيجابيّات أي الأثر الاجابي للتقنيات الحديثة على اللغة العربية :

  • تخزين المعرفة  ونشرها بسرعة وتيسير الوصول إليها

مثال : الفرق بين بحث المعلومة على جهاز محمول أو في كتاب

 مواقع البحث في الشبكة،في الموسوعات، في المجلدات والقواميس الخ.

  • تصفح الأخبار وشراء الكتب والتواصل مع أهل المعرفة عن بعد

لتنمية اللغة يجب القراءة والتواصل بها. اليوم يمكنك تصفح جميع أنواع الأخبار واقتناء الكتب التي لا توجد في بلدك والتواصل مع أهل الاختصاصوالأساتذة وكل هذا عن بعد.

  • التعليم عن بعد

الفكرة نعرفها. أردت التركيز على هذا الموضوع لما يفتحه من آفاق للتونسيين بالخصوص :  انفراد في التأقلم مع اللغات الأجنبية…

السلبيات هي حقيقة في طي الإجابيات :

  • الاعتماد على الآلة أكثر من الذاكرة
  • الاعتماد على المصحّح الآلي أكثر من الاعتماد على المعارف الذّاتيّة.
  • تهميش بعض قواعد الكتابة مما يُشيع الأخطاء الإملائية،  مثلا ضياع الهمزة و كيفية كتابتها، تعويض التاء المغلقة بهاء ودون ذكر التشكيلالأدنى مثل الشدّة وتشكيل الحروف التي فيها إلتباس.
  • فقدان الواجهة العربية وأحيانا النسخة العربية لاستخدام الأدوات والتقنيات الحديثة يدفع المستخدم لاستعمال اللغات الأجنبية.

فمثلا لكتابة اللغة العربية بحروف لاتينية فهذا لا يُأخذ على سلبيات التقنيات الحديثة بل بالعكس يدلّ على رجوع المستخدم إلى التعبير بالعربية ولكن يبقىعائق الواجهة أو الوسيلة لإدخال النص هو السبب الرئيسي لعدم الكتابة بالحروف العربيّة ويعود ذلك لعدم تعلّمنا، فلم نتعوّد على الكتابة على لوحة مفاتيحبالعربية و(كل من له يد في اقتناء تلك المعدات مسؤلية في ذلك) . اليوم، الذي تخطى هذه المشكلة يُعدّ من الجيل المتطوّر.

لتفادي هذه السّلبيّات أقترح ثلاث توصيات :

أبدأ بأعلى الهرم ولكن التوصيات التالية ليست مراحل تستوجب تقديم واحدة على أخرى.

الأولى تخصّ أهل السياسة : هناك قوانين للحفاظ على لغة البلد مثل ما يوجد على سبيل المثال في فرنسا وفي الاردن وغيرهم من البلدان والتي يمكن بسهولةايجادها على الشبكة، تنزيلها وتعديلها ثمّ اقتراحها على مجلس الشعب.

الثانية تخصّ أهل الاختصاص : يجب مواكبة العلوم والتقنيات الحديثة بترجمتها وتطويرها في لغتنا الأم وذلك باستمرار. وهنا أعطي مثالين : الأولى ازدهارالحضارة الإسلامية وما يسمى بالعصر الذهبي وما كان للترجمة من ركيزة في هذا الاشعاع. والفكرة الثاني وهو في شكل سؤال بديهي : هل هناك اليوم بلدمتطور يدرّس العلوم ويقوم بالاكتشافات بغير لغته الأم ؟ للتذكير : لما اجتازت أمريكا العراق وهو أول بلد عربي طوّر منظومة الصواريخ وكان بصددتطوير تقانة نوويّة فأرادت فك كل تلك المعدّات وجدت نفسها معوَّقة لأن العراقيين استلموا التقنيات من الروس ثم طوّروها وكانت كل البحوث مدوَّنةبالعربية. المثل الثاني سوريا وهو أكثر بلد مصدر للأطباء في العالم وبماذا تدَرَّس مادة الطب في الجامعات ؟ باللغة العربية ! المثل الثالث وربما الأقوى :الكيان المغتصب في المنطقة من أكثر البلدان تطوّرا تقانيّا، ويطوّر بلغته الأم وهي أقدم من العربية بـ  3000 سنة أو أكثر.

فإذا هي مسألة اعتزاز أهل الاختصاص بلغتهم لتثمين جهودهم في لغة الأم.

أنهي الآن بالتّوصية الثالثة للحفاظ على اللغة في ضل هذه التقنيات الحديثة وهي تشمل كل محبّ وغيّور على اللغة العربية : أن يبذل جهدا صغيرا بتعويدنفسه وتفعيل الحلول الموجودة لأنها فعلا موجودة ولو ببعض التأخير حتى يتعامل باللغة العربية وأذكر هنا الشّعار المعروف في هذا المجال  #بالعربيأحلى.